اعاني من وساوس وأفكار وخوف من الحشرات من ثلاث شهور على فترات متفاوته حتى سبب لي القلق والتوتر والارق وعد النوم ليلا مع اني اعلم من خلو سريري من اي شي لكن لا استطيع النوم.. وفي النهار يصيبني ندم واريد ان ابكي..
الحمد لله والصلاة والسلام على أفضل الخلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبعد:
أخي العزيز:
الخوف شيء طبيعي لدى الإنسان إذا كان من أي شيء يخيف أما إذا كان من شيء ليس معتاد أن يخيف فهذا شيء غير جيد وبصفة عامة فالخوف أو الفوبيا من الأشياء شيء منتشر عند العديد من الأشخاص وفوبيا الخوف من الحشرات أحد هذه الأنواع.
وعلى الرغم من أنه لا توجد إلا أنواع نادرة للغاية في الحشرات المفترسة للإنسان , ومن أن حجم أضخم حشرة لا يمكن أن يقارن بحجم أصغر إنسان إلا أن هناك حالات عديدة للخوف المرضي من الحشرات.
صحيح أنها ليست الأكثر شيوعا بين حالات الفوبيا الأخرى , إلا أنها ليست نادرة أو منعدمة.
وقبل أن نتحدث عن هذه الفوبيا , لا بد وان نفرق بين أمرين مختلفين تماما,وهما الاشمئزاز أو (القرف) من الحشرات بأنواعها , والخوف منها.
فالعديد منا قد يصيبهم الاشمئزاز من رؤية حشرات بعينها! ربما لأنها ترتبط في الاذهان بالقاذورات, أو الموت والجيفة وغيرها , بدليل أننا لا نشعر بالاشمئزاز نفسه تجاه الفراشات مثلا , نظرا لأن ألوانها الزاهية الجميلة. أما الخوف المرضي فهو مختلف تماما.
فكما أوضحنا في حالات الفوبيا السابقة , يصاب المريض بالهلع والرعب والفزع , إذا ما وقع بصره على سرب من الحشرات وبخاصة إذا ما كانت هذه الحشرات بأعداد كبيرة وربما يعود هذا إلى ثقة الإنسان في أن الحشرات , على الرغم من صغر وضآلة إحجامها , يمكنها أن تصبح قوة ضاربة , إذا ما اتحدت وتآزرت وانقضت على نحو مثابر ومنظم.
وهذا صحيح تماما , فالنمل مثلا يمكن أن يهاجم حشرات أخرى تفوقه حجما بمائة ضعف في بعض الأحيان ويتآزر للدغها في مواضع شتى حتى تنهار وتموت , ويجعل منها مخزونا غذائيا له.
وهناك عشرات التنبؤات العلمية وروايات الخيال العلمي التي حاولت تخيل ما يمكن أن يحدث أذا ما انقلبت الحشرات على البشر , وجعلت منه خصما تقاتله وتحاربه وتسعى لدحره وهزيمته.
وفي كل الخيالات والتنبؤات العلمية , كانت الغلبة دوما للحشرات بأعدادها الهائلة وانتشارها في كل إرجاء الأرض وتنوعاتها التي تبلغ مئات الفصائل وآلاف الأنواع.
ومعظمنا لم يقرب هذه الدراسات العلمية أبدا, إلا أن بعضنا يحمل مرضيا من الحشرات.
ومن حسن الحظ أن فوبيا كل أنواع الحشرات حالة شديدة الندرة , حتى تكون منعدمة , إذ أن صاحبها لن يمكنه تفادي كافة أنواعها حتى ولو حبس نفسه في وعاء معقم كما يقولون.
ولكن هناك فوبيا تجاه أنواع بعينها من الحشرات , وعلى رأسها فوبيا العناكب.
فلسبب ما , ترتبط العناكب في أذهان البعض بالرعب والموت والفزع , فهي تصنع شبكاتها , وتترقب الفريسة التي تلتصق بالشبكة , لتنقض عليها بلا رحمة وتمتص
حياتها بلا هوادة.
وربما يتصور المرضى بهذا النوع من فوبيا العناكب , أنهم مجرد حشرات صغيرة , قد تقع يوما في شباك العناكب التي تنقض عليها أيضا , بلا رحمة أو هوادة أو أنهم ضحايا بعض الأفلام القديمة التي تحدثت عن عناكب عملاقة تهاجم البشر , وتوقعهم في شبكاتها , ثم تلتهمها في مشاهد مرعبة تفنن في تقديمها وتصويرها مبدعو (هووليود) ومخرجوها.
أو أنها خوف غريزي يرتبط بالموت , وكل ما يمكن أن يسببه للبشر, أو حتى للحشرات الأخرى..
وفوبيا العناكب هذه لا ترتبط بأنواع بعينها منها , أو حتى بالأحجام الكبيرة دون الصغيرة , بل هي فوبيا شاملة تتعلق بكل أنواع وأصناف وأحجام العناكب.. الكبير منها والصغير , والوديع والمفترس , وكل ما يجري على أقدام ثمان.
والعناكب في حد ذاتها فصيلة خاصة جدا من الحشرات لها ثمانية أرجل , وليس ستة كسائر الحشرات , وهي ضرورية تماما لإتمام دورة الحياة الطبيعية , شأنها شأن باقي الفصائل , إذ إنها تفتك بعدد من الأنواع الضارة وسمها كاف لتخدير الفريسة وقليل منا يفرز أنواعا من السموم , يمكنها قتل البشر ومن أسفل مؤخرة الكتلة الخلفية للعناكب تبرز المغازل , وهي مراكز تكوين مادة حريرية تصنع منها العناكب شباكها , ومنازلها , وشراكها, وأكياس بيضها أيضا , كما تستعمل خيوط العناكب هذه في صناعة بعض الآلات البصرية الدقيقة.
وبالنسبة لأنواع فوبيا الحشرات ,تحتل فوبيا العناكب المركز الأول بلا منازع ,ولا تنافسها سوى فوبيا النحل والدبابير...وهذه الفوبيا الأخيرة تبدو منطقية ومفهومة إلى حد كبير, فعلى الرغم من احترامنا وتقديرنا الكبيرين للنحل , باعتباره مصدرا للعسل الذي يحوي شفاء, إلا أننا نعمل جيدا كم تؤلم أكثر لدغة الدبابير, مما يفسر الخوف المرضي لبعض الناس منهما.
وعلى عكس فوبيا العناكب , يرى العلماء أن فوبيا النحل والدبابير مكتسبة وليست أساسية , فالطفل قد يخاف النحلة أو الدبور ,عندما يحومان حوله , بأزيزهما المتصل , وقد يبكي على نفسه , لكنه إذا ما رآهما ساكنين , فقد تمتد يده للعب بأيهما , مما يعرضه للدغة مؤلمة , تتكون بعدها هذه الفوبيا.
وفقك الله وهداك. تحياتي.
اسم الكاتب: د. أيمن رمضان زهران
مصدر المقال: موقع المستشار